هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} - بقلم:أ.د. الشيخ عبدالرزاق السعدي

اذهب الى الأسفل

{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} - بقلم:أ.د. الشيخ عبدالرزاق السعدي Empty {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} - بقلم:أ.د. الشيخ عبدالرزاق السعدي

مُساهمة من طرف القرطاس الخميس مايو 14, 2009 9:06 am


بسم الله الرحمن الرحيم

{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}


بقلم/ أ.د. الشيخ عبدالرزاق عبدالرحمن السعدي



هذا جزء من الآية السادسة والعشرين من سورة المطففين، وهي سورة مدنية ذكر الله تعالى فيها عقوبةَ المطففين في المكيالِ والميزانِ، ثم ذكر مصير الفجار أنهم في سجين وهلاك ودمار، ثم تحدث عن الوجوه الجميلة التي ترى رَبَّها بالبصر يومَ القيامة، ثم قابلَ الحديثَ عن الفجار بالحديث عن مصير الأبرار أنَّهم في عِليين، وهو مأخوذ من العُلُوِّ في جناتِ النَّعيم وذَكَرَ ما هُمْ عليه من سعادةٍ في الجنة من نظرٍ إلى وجهِ الله الكريم ومن مجلسٍ عظيمٍ وشرابٍ لذيذٍ بسببِ ما قدموه مِن بِرٍّ وتَقوى وأعمالٍ صالحاتٍ في دنياهم.

وهنا حَثَّ اللهُ تعالى عبادَهُ على التنافسِ في الحصولِ على هذه السعادة الأُخروية التي نالها الأبرارُ بما قدَّمُوه من صفاءٍ في السَّريرة، وطِيبٍ في الكلام وإِخلاصٍ في العمل، وَحُسْنٍ في النيات، لذلكَ جاءتْ الاشارةُ واضحةً إلى الاندفاع نحو التسابقِ في فعل الخيرات بأنواعها الماديةِ والمعنويةِ، فاللاحقُ يُقَلِّدُ السابقَ في الطاعات، وللسابِقِ فضلُ وثوابُ القدوةِ الحسنةِ والدلالةِ على الخير، واللاحقُ له ثَوابُ الاتباع وكلٌ من السابقِ واللاحِقِ يتنافسون على مرضاةِ اللهِ ونعيمهِ.

قال ابن كثير في تفسير التنافس 4/3005: ((أي: وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويكابرُ ويَسْتَبِقُ إلى مثله المُسْتَبِقونَ، لقوله تعالى: {لمثل هذا فليَعملِ العاملون})) اهـ كلام ابن كثير.

وليس من الصحيح أن يعتمد الإنسان على أفعال غيره، مكتفياً بما قدمه السابقون، فكلُّ عاملٍ يُثَابُ بعمله ولا يثابُ بعمل غيره، فثواب نشر العلم والفضيلة يعود لناشره، وثواب صلاح الأبناء والبنات يعود لمربيهم، وثواب الصدقات الجاريات يعود لصاحبها، فلا تقل أكتفي بصلاح أبي وأمي وأخي وأختي وزوجتي، لأن ثواب أعمالهم مردودٌ إليهم وليس لك فيه نصيب.

وهكذا إذا ألّف العالمُ كتاباً لا نتوقفُ عن التأليف بسبب كتابه، وإذا أفتى الفقيهُ فلا نتركُ إفتاءَ الناسِ بسبب إفتائه، وإذا خطب الخطيبُ لا نُعَطِّلُ الجمعةَ مكتفينَ بخطبته، وإذا دَرَّسَ المدرس لا نَحجمُ عن التدريس بحجةِ أن ذلكَ المدرسَ درَّس ما فيه الكفاية، وإذا بنى أحدٌ موقعاً إليكترونياً يُقَدِّمُ فيهِ خدمةً للناس في دينهم ودنياهم لا نتراجعُ أو نتوقفُ عن بناءِ آلاف المواقع التي تُقَدِّمُ العلمَ والفقهَ والثقافةَ، بل علينا أنْ نتنافس في هذا الخير كما أمر الله تعالى ليضمَنَ كُلُّ واحدٍ مِنَّا درجته في عليين.

ولنا في سلفنا الصالح خير قدوة فلم يتوقف سيدنا عمر وغيره من الصحابة بوجود أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين، ولم يتوقف الإمام الشافعي بسبب وجود الإمام مالك، ولا الإمام أحمد بسبب وجود الإمام الشافعي، ولا الإمام النووي بسبب وجود الرافعي، مع أن هولاء تعاصروا وبعضهم أعلم من بعض ولم يعترض الكبير على الصغير منهم لأنهم علماء صالحون يدركون معنى هذا التنافس الشريف، عليهم رحمة الله.

نعم هناك درجاتٌ ومقاماتٌ (وفوق كل ذي علم عليم) وإنما يعرفُ فَضْلَ الناسِ وَمَقَامَاتِهم أهلُ الفضلِ والتقوى لا أَهلُ الجهلِ والحقدِ والحسد والفسوق.
أما التنافسُ على الشرِّ ومعصيةِ الله تعالى فذلك أمرٌ منهيٌّ عنه لأنه يؤدي بالمتنافسين إلى غضبِ اللهِ وعقابهِ أَعاذنا اللهُ جميعاً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأصلح أحوالنا وزرع في قلوبنا الرحمة وحبَّ الخير لعباد الله.



نقلها لكم:
القرطاس

القرطاس
القرطاس
عضو جديد
عضو جديد

المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 08/05/2009
الموقع : Kuala Lumpur, Malaysia

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى