كلمة الافتتاح -بقلم أ.د. الشيخ عبدالرزاق السعدي

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الافتتاح
بقلم: أ.د. الشيخ عبدالرزاق عبدالرحمن السعدي

الحمد لله القائل: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، والصلاة والسلام على نبيّنا ورسولنا وشفيعنا وقرَّة أعييننا سيدنا محمدٍ القائل: ((إنْ لم يكن بكَ عليَّ غضبٌ فلا أُبالي، ولكنَّ عافيتَكَ هي أٌوسعُ لي، أعوذ بنور وجهكَ الذي أشرقتْ له الظلماتُ، وصلَحَ عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تُنْزِلَ بي غضبَكَ، أو يَحِلَّ عَليَّ سَخَطُكَ، لك العُتْبى حتى ترضَى، ولا حول ولا قوةَ إلا بك))، وعلى آله سادتِنا الأطهار، وأصحابِه قدوتِنا الأخيار، ومن تبعهم من المؤمنين الصالحين الأبرار.
أما بعد:
فسلامُ اللهِ ورحمته وبركاته على كلِّ ناظرٍ وناظرةٍ في هذا السِفْرِ الوليد، الذي أُنشِئَ بقدرِ وقضاءِ ذي العرشِ المجيد، برجاءٍ وإلحاحٍ من إخوةٍ أحبَّةٍ ليس في الوسع عن طلبهم أحيد، بعد زمنٍ طويلٍ في بلاد الغربةِ عن الوطنِ بعيد، فأناملُ اليمينِ تخطُّ المكتوب، والنظرُ إلى الوطن لا يفارق العيونَ والقلوب، ففيه أحبابٌ لا يعلم أَلَمَ فِراقهم إلا علام الغيوب، وفي الرَّبْعِ ذكرياتٌ تحنُّ إليها الروحُ حنينَ الحبيبِ للمحبوب، وحبُّ الوطنِ من لوازم الإيمان، وفراقه بؤسٌ وأحزان.

بلادي وإنْ جارتْ عليَّ عزيزةٌ **** ولو أنَّني أعرى بها وأجوعُ

لكنَّ إرادة الله فوق إرادة الإنسان، فهو سبحانه المقدمُ والمؤخرُ والحكيم المنان، يبتلي عباده ليرى حقيقة مَنْ هو سيئٌ أو ذو إحسان، ومَنْ هو ثابتٌ على الحقِّ دون أن تهتزَّ له أركان، فالدنيا ماضيةٌ بأهلها فانية، والآخرة هي الحيوان الباقية، وسعيدٌ من ركب الفانية ابتغاء الوصول إلى جنةٍ عالية.
إنَّ هذا المنتدى الذي بين أيديكم، يهدفُ إلى نشر العلم والمعرفة بما يرضي الله ورسوله ثم يرضيكم، فيضع من الحِكَمِ ما استطاع، ويتلقَّى آراءكم وتوصياتكم من كلِّ الأصقاع، ويستقبل أسئلتكم في الدين والحياة، ولا يخرج -بإذن الله تعالى- عن حدود ما شرعه ربُّنا وقضاه، وما سنَّه نبيُّنا عليه أتمُّ سلامٍ وأفضلُ صلاة، بأسلوبٍ سهلٍ واضحِ البيان، لا غُلوَّ فيه ولا تهاونَ ولا عدوان.
فشاركونا بعون الله الرحمن الرحيم، رافعين جميعاً أكفَّ الضراعةِ إلى الله العزيز الحكيم، أن ننجوَ من فتن الدنيا وكلِّ ظالمٍ لئيم، وندعوه أن يعننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، فدعاء الأخِ لأخيه في ظهر الغيب له مكانٌ عند ربِّه، وعلى رأس الداعي مَلَكٌ يناديه ولك بمثله.
وحمداً لله أولاً وأخراً، وصلاةً وسلاماً على سيدنا محمدٍ مبشراً ومنذِراً، وآله ذوي القِرى، وأصحابه خير الورى، ومن فاز من أتباعه بحظٍّ أوفرا.

الإثنين: 9/ جمادى الأولى/ 1430هـ
الموافق 4/ مايو (مايس)/ 2009م